في العام 1377م ألّف العالم العربي ابن خلدون كتابه الشهير (كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر)، والذي اشتهر اختصاراً باسم (مقدمة ابن خلدون) نسبة إلى مقدمة الكتاب، والتي هي جزء من الكتاب، تبلغ حوالي ثلثه.
ويعتبر كتاب العبر ومقدمته موسوعة من النظريات والتأملات والملاحظات في التاريخ والجغرافية والشريعة والاقتصاد والمجتمعات والعمران واللغة والسياسة والطب والفلك ...
يقسم الكتاب إلى ستة أبواب:
الباب الأول: في العمران البشري على الجملة، والإشارة إلى الأقاليم والأشجار والأنهار.
الباب الثاني: في العمران البدوي وذكر القبائل والأمم الوحشية.
الباب الثالث: في الدول والخلافة والملك وذكر المراتب السّلطانية.
الباب الرابع: في العمران الحضري والبلدان والأمصار.
الباب الخامس: في الصنائع والمعاش والكسب ووجوهه.
الباب السادس: في العلوم واكتسابها وتعلّمها (الطب، الهندسة، الطبيعة، الفلاحة، الكيمياء، والعلوم العقلية، ...)
تعتبر مقدمة ابن خلدون من أوائل الكتب التي تحدثت عن المجتمع وتاريخه وأحواله بشكل موسع، فقد تجاوز حدود التأريخ والمؤرخين المعروفة آنذاك، لكونه كتب في مقدمته عن كل العلوم، فتحدّث عن كلّ ما يخصّ الإنسان من معنويات وماديات، داعماً ما ذهب إليه من آراء بشواهد من القرآن الكريم و الأحاديث النبوية وديوان العرب الشعري.
حيث اعتبر ابن خلدون أنه لا يمكن أن يُدرس التاريخ معزولًا عن الإنسان والعمران والسلطان.
ابن خلدون هو المؤسس الحقيقي لعلم الاجتماع:
يعتبر العالم ابن خلدون المؤسس الحقيقي لعلم الاجتماع، حيث وضع العديد من النظريات والأسس التي أصبحت فيما بعد قواعد يبني عليها الباحثون والعلماء أفكارهم ومؤلفاتهم، فعلم الاجتماع هو علم تراكمي (أي تستند النظريات الجديدة فيه على نظريات سابقة).
ومن جملة ما بحث فيه ابن خلدون أحوال البشر والعلاقات بينهم واختلاف طبائعهم، وأثر البيئة في الانسان.
ولعل من أهم عوامل نجاح الكتاب أنه اعتمد على الملاحظة وإعمال الفكر في الظواهر الاجتماعية، لا على التحليل والتخمين، وهو ما أصبح لا حقاً ميزة لعلم الاجتماع الذي يوصف بأنه علم تجريبي.
من مواضيع الكتاب:
مواضيع الكتاب عديدة فهي أقرب إلى موسوعات تحدثت مثلاً عن أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ بداية الخليقة إلى الزمن الذي عاش فيه ابن خلدون، كما تتناول حياة البربر وأجيالهم وديار الغرب من الملك والدول، وعن أشخاص وملوك وأمراء كالأمير تيمورلنك سلطان التتار.
تحدّث الكتاب أيضاً عن العمران البشريّ الذي تضمن ضرورة التعاون بين البشر، كما تحدّث عن تغيرات الحرارة وتأثر أشكال وألوان وطبائع البشر بالهواء والطقس، وأخلاق السكّان، والطعام وتأثيره على الأخلاق، والكرامات الإلهية والأحلام، وأصول المدنية الإنسانية الذي تضمّن التسلسل في بناء الحضارة، والترف، والحكم العصبيّ القبليّ، والحكم الدينيّ الأكثر مناسبة للعرب، وغيرها ...
وتحدّث في الكتاب عن رحلته إلى الأندلس، والعودة إلى المغرب العربي، والرحلة إلى المشرق، وولايته للقضاء بمصر، والسفر لقضاء الحج.
ومن أهم أفكاره أنَّ الدولة تمر بخمسة أطوار من ناحية تطورات العظمة والقوة والاتساع وهي: (مرحلة البداية والتأسيس، مرحلة توطيد الحاكم نفوذه إلى أن يصبح حاكماً مطلقاً، مرحلة يبعد نفسه عن عصبيته، مرحلة يعتمد فيها الحاكم على المرتزقة في الدفاع عن الدولة، وأخيرة مرحلة المرتزقة تقضي على الملك)
ويعزي أسباب سقوط الدول إلى سببين رئيسيين أولهما ترف الطبقة الحاكمة ومفسدتها متناسية ما يعانيه الشعب، وثانياً الاستبداد بالسلطة أو الانفراد بالمجد.
مكانة مقدمة ابن خلدون:
ترجم الكتاب إلى العديد من اللغات الحية، وعليه ترتكز مكانة ابن خلدون وشهرته، فما تزال مقدمته هذه مرجعاً هاماً لدارسي علم الاجتماع.
ونظراً لمكانتها العلمية، فقد حظيت المقدمة منذ أن وقعت عليها الأنظار بعناية المفكرين والمؤرخين وعلماء الاجتماع والفلاسفة واللغويين عبر الأجيال، كما طبعت عدّة مرّات بتحقيقات مختلفة.
بعض الأقوال في ابن خلدون ومقدمته:
يقول المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي: ابتكر ابن خلدون وصاغ فلسفة للتاريخ هي بدون شك أعظم ما توصل إليه الفكر البشري في مختلف العصور والأمم.
يقول الكاتب جورج مارسيز: إن مؤلف ابن خلدون هو أحد أهم المؤلفات التي أنجزها الفكر الإنساني.
يقول عالم الجغرافية الفرنسي ايف لاكوست: إن مؤلف ابن خلدون يمثل ظهور التاريخ كعلم، وهو أروع عنصر فيما يمكن أن يسمى بالمعجزة العربية.
قراءة وتحميل الجزء الأول من مقدمة ابن خلدون
قراءة وتحميل الجزء الأول من مقدمة ابن خلدون
إعداد آرام سعدية
يمكنكم متابعة موضوع من هو ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع
هذا الكتاب فخر للعرب والمسلمين
ردحذفتم
ردحذف