القائمة الرئيسية

الصفحات

رجل الثلج الصغير - قصص أطفال

أوراق-تك رجل الثلج الصغير - الجزء الأول
كنت كعادتي بعد تناول الفطور أجلس قرب النافذة وأشاهد حركة الناس والحيوانات، وأمعن النظر في السماء والأشجار، وأنتظر بشغف سماع حوارات الأطفال .. وإليكم ما شاهدت

قصة رجل الثلج الصغير

المقطع الأول

كان يوم غير معتاد في حيّنا الجميل، فالأرض مليئة بالثلج الذي استمر هطوله طوال الليلة الماضية، أما الآن فالشمس ظهرت من بين الغيوم ويبدو أن هطول الثلج قد انتهى فحرارة الجو بدأت بالارتفاع.
الجو العام هادئ، وزقزقة العصافير الجائعة التي تبحث عن الطعام مع عودة الدفء يكاد يكون هو الصوت الوحيد في الحي.
فجأة تلاشى الهدوء مع قدوم مجموعة من الأطفال يركضون ويضحكون ويتراشقون كرات الثلج الغير مرصوصة جيداً والتي تتطاير أجزاؤها في الهواء فلا يصل منها إلى أجسادهم سوى القليل.
بعد مرور عدة دقائق إزداد عدد الأطفال وتجمعوا كالعادة بالقرب من دكان العم جميل، فكما يبدو أن أصواتهم وضحكاتهم التي تتعالى تشد انتباه وحماسة المزيد من الأطفال وتدفعهم للنزول من منازلهم.
من الواضح أن أكثر الأطفال لا يعرفون الكثير عن ألعاب الثلج، فهم لم يحظو سابقاً بمثل هذه الكمية من الثلج، فقد اقتصرت الهطولات السابقة على كميات قليلة من الثلج وغالباً لم يكن يلتصق بالأرض ويذوب مباشرة عند لمسه لسطحها. لذلك كانت اللعبة السائدة بينهم هي رمي كرات الثلج على بعضهم البعض حتى أنني سمعتهم يسمّون اللعبة حرباً !
بعد مرور حوالي النصف ساعة أصبح لعب الأطفال مزعجاً بعض الشيء،  فبدأت المشاكل تظهر، فهاهم الأطفال الكبار صاروا يضايقون الأطفال الصغار بتصرفاتهم الصبيانية فرمياتهم للكرات الثلجية قوي ومؤذي حقاً بالنسبة للصغار، ومنهم من يضع كمشة من الثلج في ثياب الأطفال الآخرين خلسة (ياله من شعور صعب :()...
شيئاً فشيئاً ازداد الضجيج والصياح، مما جعل الأهالي يتذمرون من لعب الأطفال. 
ولكنَّ الأهالي يعرفون أن هذا اليوم يعدُّ فرصة ربما لن تتكرر مرة أخرى هذه السنة أو حتى في السنوات القادمة، لذلك كان الجميع يصبر على تصرفات الأطفال وأصواتهم المرتفعة.
أكثر هؤلاء الأهالي قرباً لمصدر الضجيج ومتابعة لمشاكل الأطفال هو العم جميل صاحب الدكان، ولكنه بالوقت نفسه هو أكثر أهالي الحي حباً للأطفال واستيعاباً لتصرفاتهم.
الأطفال يعلمون تماماً أنهم مهددون دائماً بمغادرة مكان اللعب عندما ينزعج أحد الأهالي فيغضب ويطردهم من المكان، لأجل ذلك يتعمّدون اللعب بالقرب من دكان العم جميل المعروف بباله الطويل جداً، والذي بالتأكيد سيتحمل لعبهم مهما كان فهو بالأساس لا يراه ازعاجاً مقصوداً بل ينظر له بأنه حق مشروع لكل طفل، ومن الطبيعي أن يكون لحركات الأطفال ولعبهم آثاراً على المكان قد يكون بعضها غير جيد ...

العم جميل رجل في الستين من عمره ويتمتع بمكانة مرموقة في الحي فهو واحد من أقدم ساكنيه وأكثرهم معرفة بالناس فيه، عدا عن كونه لطيف وودود ويراعي الناس بأسعاره وأسلوبه لبق في البيع.

ازداد الضجيج ونفذ صبر عدد من الأهالي فصرخ أحدهم بالأطفال قائلاً: اذهبوا من هنا والعبوا بعيداً.
وبحركة عفوية من الأطفال هربوا والتصقوا بدكان العم جميل وكأنهم قطط رضيعة تحتمي بأمها القوية.
كرر الرجل صراخه مطالباً الأطفال بالرحيل وأيّده عدد من جيران الحي.
أصبح الأطفال قلقون خائفون، فهم لا يريدون المغادرة فالمكان مناسب للّعب فكمية الثلج وافرة، والأرض مستوية، والعم جميل الذي يشعرهم بالأمان موجود ...
كان لا بد للعم جميل أن يتدخل ليحل المشكلة بالتراضي فهو يحب الأطفال ويتعاطف معهم وتحديداً في يوم مميز كهذا، وبالوقت نفسه لا يريد أن يغضب الجيران أويتأذون من تصرفات الأطفال.
فهل سوف يجد العم جميل حلاً يناسب الطرفين؟...

المقطع الثاني

فكر العم جميل بحل مناسب للأطفال يضمن استمرارهم في اللعب بالثلج، ويرضي كبار الحي المنزعجين من أصوات وتصرفات الأطفال.
فنادى بصوت عالي: أيها الأطفال تعالوا إلى هنا، أريد أن أقول لكم شيئاً.
فاستجاب الأطفال للنداء وتوجهوا جميعاً نحو الدكان.
قال العم جميل: صباح الخير يا أولاد.
أجاب الأطفال: صباح الخير يا عم.
قال العم جميل: إن جيراني قد انزعجوا من أصواتكم العالية، وتصرفات بعضكم كانت غير جيدة، وأنا أريدكم أن تكملوا اللعب، ولكن يجب علينا أن نحترم الآخرين ولا نزعجهم مهما كنا فرحين باللعب.
لذلك سوف أقترح عليكم لعبة جميلة يمكننا جميعاً ان نشترك بها، من دون أن نصدر ضجيجاً قوياً، ومن دون أن يؤذى أحد منا.
الأطفال: وما هي هذه اللعبة يا عم، أرجوك قل لنا بسرعة فالثلج بدء يذوب.
العم جميل: ههههه، اطمئنوا فسوف يحتاج الثلج إلى وقت أطول مما تظنون حتى يذوب..
والآن أريدكم أن تنقسموا إلى فريقين.
فانقسم الأطفال إلى فريقين، فريق من الكبار وفريق من الصغار.
سأل العم جميل: هل أنتم موافقون جميعاً على هذه التقسمية؟
أجاب الأطفال الكبار بثقة: طبعاً موافقين.
هزّ الأطفال الصغار رؤوسهم وجاوبوا بتردد: نعم !
لم تكن تشكيلة الفريقين تريح الصغار ولا حتى العم جميل، ولكن الوقت بدأ ينفذ والجميع يريد أن يكسب الوقت قبل زوبان الثلج، لذلك لم يعترض أحد على القسمة ويطالب بإعادتها.
العم جميل: الآن سوف أشرح لكم المطلوب فاسمعوا وانصتوا جيداً:
أريد من كل فريق أن يصنع رجل ثلج كهذا الذي ترونه في الصورة التي معي، والفائز هو الذي يصنع رجل الثلج الأحسن، وطبعاً سيكون ذلك بوقت محدد لا يجوز تجاوزه. فهل أنتم مستعدون ؟!
الأطفال: نعم مستعدون.
العم جميل إذا سوف أبدأ العد: 1 - 2 - 3
وبسرعة بدأ الفريقان يجمعان الثلج، والواضح أن الأطفال الكبار أسرع ويستطيعون جلب الثلج من أماكن أبعد وقادرين على حمل كميات أكبر.
بالرغم من ذلك فإن الأطفال الصغار لم يستسلموا للواقع الذي يرجح كفة الكبار، فعملوا جاهدين على جمع الثلج ومن ثم تشكيل كرة كبيرة لتكوّن قاعدة جسد رجل الثلج.
وفريق الكبار أيضاً صنع كرة القاعدة والتي بدت كبيرة جداً، فصاح أحدهم قائلاً: انظروا يا شباب إلى كرة فريق الصغار يعتقدون أنها كبيرة هههههه.
بالفعل لقد كان حجم كرة الكبار أكبر بثلاث أضعاف كرة الصغار.
استمر الصغار بالعمل وبدأوا يصنعون كرة منتصف الجسد والتي تجمع بين كرة القاعدة الكبيرة وكرة الرأس، مع أنهم أصبحوا يجدون صعوبة في جلب الثلج فالكبار كانوا كالمكانس الكهربائية يشفطون الثلج من كل مكان (الأرض، والسيارات، وحواف الجدران، والأغراض المبعثرة في الحي) فهاهم قد أنتهوا من كرة المنتصف والتي بدت أكبر بثلاث أو أربعة أضعاف كرة فريق الصغار.
ثم بدأ فريق الكبار بتصميم الرأس وأخذوا يجمعون الثلج بطمع غريب، وكأنهم أصبحوا لا يريدون الفوز بقدر ما يريدون مشاحنة الصغار والاستهزاء بعملهم.
سمعت فريق الصغار يتهامسون: لم يبقى لنا كميات من الثلج تكفي لصناعة الرأس فالكبار أخذوا كل شيء ..!
وبدأ اليأس يصيبهم وراحوا ينظرون إلى الكبار بغيرة مما صنعوه فرجلهم الثلجي ضخم جداً، وبعد قليل سيركّبون الرأس على باقي الجسد.
العم جميل: هيا يا أطفال لم يبقى من الوقت سوى 5 دقائق.
الأطفال الصغار: أرجوك يا عم ساعدنا فلم يبقى هنا ثلج يكفينا.
العم جميل: أنا آسف يا صغاري لا أستطيع مساعدتكم فهذا يعد غشاً، ولكن أرجو منكم أن تفكروا بحل  ما وبسرعة فالوقت سينتهي.
اجتمع الصغار يتشاورن وقرروا أمراً غريباً، فبدأوا يأخذون قليلاً من ثلج كرة القاعدة وقليلاً من ثلج كرة المنتصف ويجمعونهم مع بعضهم ليشكلوا كرة الرأس.
انتهى الكبار من صنع الرأس وبدت ضخمة وثقيلة، ووضعوا فيها جزرة مكان الأنف كانوا قد أخذوها من دكان العم جميل، ووضعوا أغطية الزجاجات الفارغة مكان العيون، ورسموا فماً من حبل عريض.
أما الصغار فقد نجحت خطتهم البديلة وشارفوا على الانتهاء، وجهزوا جزرة صغيرة وغطيان صغيران ومجموعة من الأزرار.
في هذه الأثناء صاح العم جميل: يا أطفال لقد بقي دقيقة واحدة فقط، أسرعوا..
هنا انبته الجيران لصوت العم جميل فخرج البعض من بيوتهم والبعض أطلّ من الشبابيك والشرفات ينظرون لما يحدث، وصاروا يتفاعلون مع المنافسة ومنهم من صاح مشجعاً الأطفال، وكل انحاز إلى  أبناءه وأقرباءه في التشجيع.
اجتمع الأطفال الكبار ليحملوا الرأس الضخمة لكي يثبتوها على جسد رجل الثلج وقد وجدوا صعوبة في حملها فهي ثقيلة وصعبة المسك، ولكنهم نجحوا بتثبيتها، ووضعوا بمكان اليدان خشبتان، وبذلك أنهوا عملهم ففرحوا وصاروا يستهزؤون بفريق الصغار، الذين تأخروا بصناعة رجلهم الثلجي.
انتهى الصغار من تثبيت الأنف والعيون ورسم الفم بالأزرار.
صاح مجدداً العم جميل معلناً بداية العد التنازلي:
10
9 (هنا ثبت الصغار الرأس على الجسد)
8
7 (هنا وضعوا خشبة اليد اليمنى)
6 (هنا وضعوا خشبة اليد اليسرى)
5
4 (هنا وضعوا القفازان الحمراوان)
3
2 (هنا وضع أحدهم قبعة الصوف الزرقاء خاصته على رجل الثلج الصغير)
1
انتهى الوقت يا أطفال..
ازداد فريق الكبار ضحكاً على فريق الصغار وما صنعوه.
ثم وقف العم جميل بين رجلي الثلج يمعن النظر بهما حتى يقرر من هو الفائز.
كان الأطفال الصغار يائسين من الفوز لأن رجلهم الثلجي صغير الحجم، والأطفال الكبار واثقين من الفوز مغرورين بما صنعوه.
وفجأة ومن دون سابق إنذا انزلق رأس رجل الثلج الكبير فسقط على الأرض وتفتفت.
نظر أطفال فريق الكبار لما جرى مذهولين وغاضبين منتظرين إعلان النتيجة.
ابتسم العم جميل قائلاً: يا أطفال ((إن الطمع ضرَّ ما نفع))
والفائز في هذا اليوم الجميل هو فريق الصغار أصحاب رجل الثلج الصغير... فاليتفضل الفريق الفائز إلى داخل الدكان فقد أعددت له جائزة متواضعة من الكعك والحليب الطازج :)

إعداد آرام سعدية




هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

* نهتم بمشاركتنا رأيك في الموضوع

التنقل السريع