الطلاق نهاية للأوجاع، أم بداية للضياع، أم تصحيح للأوضاع؟
بسبب الحروب والظروف التي تمر بها بلادنا نرى تفشي ظاهرة الطلاق بشكل كبير، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن أغلب حالات الزواج لم تكن تستند على أسس قويمة، بل إنها تفتقر إلى المقومات الروحية والنفسية التي تجعل العلاقة الزوجية قوية.
فإن كان الزواج قائماً على أساس جمال المرأة، وكان قائماً على أساس غنى الرجل مادياً، فسرعان ما تتلاشى مثل هكذا علاقات وتنتهي بسرعة.
كيف تبنى أسس الزواج:
يجب أن يكون الزواج مبنياً على أسس متينة كالتوافق الاجتماعي بين الزوجين، والانسجام الفكري، والصلاح الأخلاقي، فالأخلاق هي الأساس في استقرار الحياة الزوجية لأنها الشعلة الروحية التي تضفي المحبة في قلب الزوجين، ولا يمكن أن يكون هنالك انسجام فكري بنسبة (100%) فهذا مستحيل، ولكن ممكن ان يكون الزوجان متفقان على الأمور المشتركة في إدارة الأسرة بما فيها تربية الأطفال ورعايتهم، وهذا ما يحقق نجاحاً في العلاقة الزوجية فيقودها إلى بر الأمان ويبعث فيها السعادة، وهذا هو المطلوب.
ماذا لو انقطعت لغة التواصل والتفاهم:
إذا انقطعت لغة التواصل والتفاهم بين الزوجين، وأصبحت حياتهما قائمة على أساس الكراهية وتبادل التهم والشتائم والبحث عن عيوب الآخر، ستكون النتيجة فقدان الرغبة في العيش سوياً، فلا احترام بينهما ولا حب ولا ود يذكر، بل تصل العلاقة إلى طريق مسدود ((هنا)) يكون الطلاق هو المنقذ لعلاقة فاشلة استمرت لستوات أو ايام، فعندما شرع الله تعالى الطلاق أراده أن يكون بداية لحياة زوجية جديدة تختلف عن الأولى، فمن الممكن أن يختار الزوج زوجة أخرى يعيش بسعادة معها ويستطيع أن ينسجم ويتفاعل معها أكثر، ومن الممكن أن تعيش المرأة بعد الطلاق مع شخص ينسجم مع أفكارها وتوجهاتها أكثر. وبهذا يكون الطلاق حلاً يؤسس لحياة زوجية أخرى أفضل من بقاء الزوجين مع بعضهما البعض ولا حياة بينهما تذكر سوى البعد العاطفي والنفسي والذي يسبب مشاكل وعقد نفسية لكليهما.
ما بعد الطلاق:
بعد أن تتم حادثة الطلاق سترافق الزوجان المنفصلان مشاعر سلبية، ويسيطر عليهما الحزن والاكتئاب والقلق والتوتر، وهذا أمر طبيعي كناتج لافرازات الطلاق وتلك الحياة التي عاشاها سوية، فاللحظات النفسية التي قضوها معاً سيتم استرجاعها عن طريق مخيلتهما، وهذا ما يسبب لهما آلاماً نفسية عديدة يمكن أن تدفع بهما إلى عدم التفكير بخوض تجربة الزواج مرة أخرى تجنباً للفشل، فتكون مشاعر الخوف مسيطرة عليهما لفترة من الزمن، ويمكن أن تمتد إلى وقت طويل وخصوصاص عند المرأة بسبب نظرة المجتمع السلبية اتجاه المرأة المطلقة، وتزداد آلام المرأة مع وجود طفل أو طفلين، فتكون حريتها مقيدة ولا تستطيع الزواج بوجود هؤلاء الأطفال، فتكرس حياتها من أجل تربية أولادها، أم بخصوص حاجاتها البيولوجية والنفسية والعاطفية فهي تقوم بسحقها والتضحية بها، وهذا خلاف الطبيعة، فكبت حاجة النفس والبدن تسبب قصر العمر، ولها سلبيات نفسية عديدة.
نقول هنا: إن أغلب الرجال الذين ينفصلون عن زوجاتهم يستطيعون أن يعيشوا تجربة زواج أخرى أسرع من المرأة بكثير، بسبب ما ذكرناه من نظرة المجمتع للمرأة المطلقة، فالمجتمع ينظر للرجل المطلق باعتباره رجل ولا ينقصه شيء، فله الحق في الزواج والطلاق متى شاء، أما المرأة فلا يحق لها الزواج مرة أخرى وخصوصاً في ظل وجود أطفال تخلى عنهم والدهم!.
ومن هنا نقول: إنه يجب على الزوجين بعد الانفصال الاستفادة من الأخطاء التي أدت إلى فشل حياتهما الزوجية، وأخذ العبرة منها ليتسنى لهما اختيار شريك جديد لحياتهما متناسباً وفق أسس معيارية قوية تكون كفيلة لبناء أسرة سعيدة.
باختصار شديد:
الطلاق لا يعني الفشل في إقامة حياة زوجية دائماً، ولا يعني سوء الخلق دائماً، كذلك رغم أنه قد يعني الفشل في بعض الأحيان، وقد يعني سوء المعاشرة في بعضها، ولكن لا يعني ذلك دائماً، وإنما يعني أن التوافق لم يكن ممكناً، وقد يكون ممكناً في حالات أخرى. والطلاق ليس عيباً ولا عاراً، لأنه أمر شرعة الله تعالى وهو أعلم بمن خلق، فكم من حياة زوجية قائمة وهي في حكم المنتهية، وكم من زوجين يعيشان معاً لكنهما منفصلان شعورياً منذ سنين والذي يحملهما على الحياة هو وجود الأولاد، فإن قضيا رسالتهما مع الأولاد كان الطلاق والفراق. فرب حياة زوجية مفارقتها أفض من البقاء فيها.
والإنسان لن يعيش حياته مرتين، فيجب أن يدرس حالته ويأخذ قراره ليسعد نفسه، ويسعد من معه، ويقضي حياته سعيداً، فالله تعالى لم يخلقنا لنعيش تعساء حزانى، وإنما خلقنا لنسعد في هذه الحياة ونسعد الآخرين.
إعداد إزدهار رحمو
اقرأ أيضاً ثقافة العيب والحرام، والخلط بينهما
تعليقات
إرسال تعليق
* نهتم بمشاركتنا رأيك في الموضوع