حرصنا على الدنيا دفع الكثيرين إلى هجران الكثير من أقربائهم وحتى أهلهم. تفككت صلة الأرحام اليوم، وأصبحنا غرباء فيما بيننا، لا يلتقي الواحد مع أخيه ابن أمه إلاَّ في مناسبات قليلة وعلى مضض، ووصل الحال بنا حتى أننا لا نطلع على أحوال بعضنا إلاَّ في المناسبات التي نختارها نحن.
قطيعة الإخوة
إن هذه القطيعة التي انتشرت اليوم بين الناس وبين الإخوة مردها في الكثير من الأحوال إلى التنافس على الدنيا.
الانشقاقات الأسرية:
أغلبنا أصبح مادياً، يسعى وراء الكسب والجمع بكل الطرق ونسي العديد منا واجبه تجاه أخيه أو صلة الرحم التي تربطه به، فبمجرد وقوع مشكلة حتى ولو كانت صغيرة ولا تتطلب ضوضاء
تجد العديد منا اتخذها عذراً للقطيعة، ويشتكي أخاه إلى كل من حوله، ويلتمس كل طرق الخلاص لكي يهجره وكان عليه السعي إلى الصلح الذي هو خير الأمور، لكنه يطرق باب الهجران قبل الوصال، ويحدث هذا الانفصال الذي يبدأ بالتدرج حتى يصل إلى مرحلة نسيان الأخ لأخيه ويصبح لا يعرف عن أحواله إلا المعروف عند عامة الناس وكأنهما شخصان غريبان عن بعضهما، لم يكبرا جنباً إلى جنب ولا تحت سقف واحد.
قلة الزيارات حتى في الأعياد والمناسبات:
جعلت الكثير من المناسبات لكي تعاد الحياة إلى مجاريها وللتسامح وللغفران عما مضى، وربط الوصال بعد الفراق المعلن بين الإخوة غير أنها اليوم أصبحت لا تعني لنا الكثير!، نعم فقد بقيت هذه القطيعة متواصلة ولا يحرك الواحد منا ساكناً لكي يتسامح مع أخيه حتى ولو ظلمه وبقي العناد والكبر في قلوبنا وطبع عليها وزادت الضغينة.
توريث هذه القطيعة من الآباء إلى الأبناء:
الغريب والمؤسف في نفس الوقت أن هذا الجفاء والقطيعة يراها الكثير من الأبناء بأنها رد اعتبار للأهل، نعم فقد كبرنا على الهجران لعدة سنوات، والمحزن أن الكثير من الآباء وماتوا وهم على هذه القطيعة مع إخوته، فيحضر كل منهم جنازة أخيه وهو حزين، فما نفع الحزن بعد فوات الأوان!، وقد أسسوا لهذه العداوة وتركوها حية بعدهم، وتبقى سائرة إلاّ في بعض الأسر التي استفاقت من هذه المعصية، ولم تبقي صلة الرحم معلقة على باب العرش تقول ربي صل من وصلني واقطع من قطعنى.
الأخوَّة أكثر من مجرد مشاعر وأنساب:
ليست علاقات صداقة تنهيها حين يغدر بك صديق ويخون، إنما هي دم يجري في عروقك، لذلك حتى ولو تجاهلت وجوده في حياتك فستصرخ كريات الدم الحمراء في عروقك لتشعرك بالحنين إليه..!.
فإن زرتني زرتك، وإن أعطيتني اعطيتك، وإن أحسنت إليَّ أحسنت أليك..، فمن يقيس عطاء الإخوة بين بعضهم البعض (بقانون الأخذ والعطاء)، فلن يحصدوا سوى جفاف المشاعر والأحاسيس، وقسوة القلوب، وتباعد المسافات..!.
((من الضروري)) أن تضع خطوطاً حمراء لزوجتك أو لزوجك ولأبنائك وبناتك حين يكبروا ولا يسمح لهم بتجاوزها فيما يخص إخوتك فأغلب مشكلات القطيعة بين الإخوة تكمن في تدخل الزوجات أو الأزواج والأبناء وتحريض الإخوة على بعضهم البعض، لذلك لا تسمح لهم أو لغيرهم أن يتدخلوا في تشكيل إطار علاقتك بإخوتك ويدفعوا بك نحو طريق القطيعة والبعد، وإذا ما سمحت بذلك فسترى المشهد نفسه يتكرر بين أبنائك والقطيعة تدب بينهم وأنت تتحسر عليهم..!
الأخوَّة ليست أسماء في بطاقة العائلة، ولا أوراق في شجرة العائلة، ولا أرقام هاتفية مسجلة في هاتفك...
إعداد إزدهار رحمو
اقرأ أيضاً: بين لحظات الحنين والذكريات
تعليقات
إرسال تعليق
* نهتم بمشاركتنا رأيك في الموضوع