لا يخفى على أحد من مستخدمي الانترنت وصفحات التواصل الاجتماعي حجم الكذب والتدليس في عالم الانترنت الذي وصلنا إليه اليوم، ولكن هل لدينا القدرة دائماً على معرفة الأخبار الصحيحة من الأخبار الكاذبة؟
أدوات وأهداف الأخبار الكاذبة عبر الانترنت
إن انتشار الأخبار الكاذبة والأحداث غير الواقعية قد ينتج أحياناً عن خطأ في نقل الخبر، أو مبالغات (بهارات) متراكمة من شخص لآخر أدت إلى تغيير في شكل القصة بأكملها..
ولكن الواقع المؤلم يشير إلى أن أكثر الأخبار الكاذبة المنتشرة عبر الانترنت هي نتيجة عمل مقصود غير بريء، بل وأصبح نشر الأخبار الكاذبة مهنة يمتهنها أصحاب القلوب المريضة والفاسدين، بهدف كسب الشهرة أو المال أو حتى مجرد التسلية والسخرية والتشهير بالآخرين ونشر الفوضى..
ما هي أدوات نشر الأخبار الكاذبة عبر الانترنت:
- الفيديو: كاستخدام فيديو قديم لحدث جديد مثلاً أو التعديل على الفيديو الحقيقي كإضافة تأثيرات (ايفيكتس) كأجسام غريبة أو أضواء. ويساعد التطور السريع التقني لبرامج الفيديو في اتقان عمل التضليل لدرجة كبيرة صعّبت أحياناً مهمة الكشف عن زيف الفيديوهات أحياناً ..
- الصور: أصبح من الأمور السهلة نسبياً لأي مصم فوتوشوب أو (العديد من برامج الكومبيوتر وتطبيقات الموبايل الأخرى) التعديل على الصور وقلبها رأساً على عقب كوضع وجوه أشخاص لأجساد أشخاص آخرين..
- كتابة المنشورات: يكفي أن يكتب خبر أو معلومة أو حادثة ما وتسند إلى اسم عالم، طبيب سياسي، ممثل، أو رياضي..) وأحياناً تكون تلك الأسماء وهمية! ..
- الصوت (الأوديو): مثل إضافة أصوات على مقاطع الفيديو ليست للفيديو الحقيقي، مما يغير جوهر الفيديو أو يحرف مجرياته. وأيضاً باتت هذه التقنيات من الأمور السهلة نسبياً مع ازدياد التطبيقات والبرامج التي يمكنها إضافة الأصوات واللعب بها بسهولة أكثر من قبل.
ما هي أهداف صناعة الكذب عبر الانترنت؟
من البديهي أن يكون لكل عمل هدف ما، ولنشر الأخبار الكاذبة غايات وأهداف عديدة وخطيرة نذكر منها.
كسب المال والربح من الانترنت بطرق غير شرعية:
أصبح العمل على الانترنت مهنة واسعة الانتشار في العالم، وكما هو الحال في العالم الواقعي هناك أعمال ومشاريع صادقة تدر الربح الحلال، وأخرى ترتكز على الكذب والنصب وبالتالي تدر الربح الحرام، كذلك الأمر في العالم الافتراضي عبر الانترنت فهناك كيانات وشركات وأشخاص يمتهنون الكذب كوسيلة لربح وكسب الأموال سواء من خلال الترويج التجاري لمنتجات سيئة الصنع أو بيع الخدمات والتطبيقات والألعاب أو زيادة أعداد المتابعين والمشتركين في قنوات اليوتيوب وصفحات الانستغرام بطرق غير شرعية مثلاً..
أهداف سياسية:
يعتمد السياسيين على صفحات التواصل الاجتماعي كثيراً هذه الأيام، سواء لتحسين صورهم أمام مناصريهم، أو لتشويه صور خصومهم ومعارضيهم، وكانت الانتخابات الأمريكية بين جو بايدن ودونالد ترامب أرضاً خصبة لمثل هذه الأخبار الكاذبة في الشهر الماضي.
تشويه الأديان والمعتقدات:
تلجأ بعض المؤسسات الفكرية إلى التهجم على الأديان، باختلاق الأكاذيب والتشكيك بتعاليمها ومصادرها وتشويه سمعة ومصداقية رجالاتها.. ويستندون بذلك على معلومات مختلقة ويخلطون الصحيح بغير الصحيح لإثارة الدهشة والغرابة، والدين الإسلامي الحنيف هو المستهدف الأول بمثل هذه الهجمات الخبيثة التي تهدف إلى تشويه أفكاره وقيمه وتعاليمه..
جمع التبرعات وسرقتها:
يسهل الانترنت جمع التبرعات للمرضى والمحتاجين عن طريق المنظمات والجمعيات الأهلية والأشخاص المبادرون وهذا أمر جيد، ولكن للأسف فإن النصابون متواجدون في كل مكان، وطبعاً الانترنت يسهل عليهم العمل وجني الأموال فيقومون بجمع التبرعات من خلال فبركة الصور والأحداث الكاذبة لاستعطاف الناس وكسب أموالهم. حتى أن هناك مواقع عالمية موثوقة على الانترنت لجمع التبرعات وقعت عدة مرات ضحية لتلاعب النصابين.
كسب الشهرة:
يحلم العديد من الأشخاص إلى كسب الشهرة بين الناس من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، فيلجؤون للأسف إلى ترويج للأخبار الكاذبة مثل الرياضية، والصحية، والمناخية، وإشاعات صدور القوانين ومواعيد تنفيذها، التنبؤات بالمستقبل، كما يحدث وما زال بأخبار جائحة كورنا (كوفيد-19) وسباق اصدار اللقاحات.
التصريحات والاشاعات الرياضية:
والتي تهدف للتأثير سلباً على الخصوم وتحبط معنوياتهم وتشتت تركيزهم قبل البدء بالمنافسات والمباريات، أو تكون موجهة فقط للتأثير وإرباك نجم الفريق المنافس الأمر الذي ينعكس سلباً على الفريق والمشجعين..
التسلية والسخرية والاستهزاء:
من أسوء أشكال أهداف نشر الأخبار الكاذبة عبر الانترنت، حيث يلجأ إليه بعض المراهقين والشباب للسخرية والنيل من الآخرين، وإثارة الضحك دون أي مراعاة لخصوصيات ومشاعر الآخرين. وهذه الظاهرة أصبحت مؤلوفة في أيامنا هذه، وللأسف المؤشرات تدل على أن أجيال اليوم بدأت تتطبع بنمط السخرية الاستهزاء والذي يستند بمعظمه على أخبار وأحداث كاذبة قد يصدقها الكثير من المتابعين.
مبادرات طيبة للتصدي للأخبار الكاذبة:
ومن ناحية أخرى لا بد للأخيار في العالم أن يقفوا بوجه الأشرار، فظهرت في السنوات القليلة الماضية مبادرات عديدة من أشخاص مبادرون، تهدف لرصد هذه الأخبار الكاذبة وتحذير الناس منها، ومن هذه المبادرات نذكر (منصة فتبيوا لمكافحة الأخبار الكاذبة) وهي منصّة عربيّة مستقلة، انطلقت عام 2014، متخصصة في مجال التحقق من المعلومات، تهدف إلى تنقية المحتوى العربي من الأخبار الكاذبة. والتي أصبحت موقعاً عالمياً موثوقاً وشريكاً لكبرى شركات التواصل الاجتماعي كفيسبوك.
كما أن بعض القنوات التلفزيونية الكبرى أصبحت تهتم برصد الأخبار الكاذبة في وتحذير المشاهدين منها من خلال برامج خاصة بهذا الشأن تعرض بشكل يومي أو اسبوعي، أو من خلال تخصيص فقرات ضمن نشراتها الأخبارية..
تعليقات
إرسال تعليق
* نهتم بمشاركتنا رأيك في الموضوع