ما بين الثرثرة ونقل الشائعات وانتهاك حرمات البيوت والخوض في أعراض الناس... إلى الجرائم والظلم والاستغلال
كوراث مريعة تجتاح العالم العربي وهي أكثر الحقب الضبابية قحطاً واضطراباً تعيشها أنظمة التخلف في عالم اليوم، وتحركات استفزازية تنشر الرعب في الأرض، وتهديدات متنوعة تنذر بأن الأوطان العربية مقبلة على فجائع مرعبة لا يعلم إلا الله عواقبها المأساوية، وأخطر ما تواجهه البلدان العربية الميل إلى العنف والترويع والضياع في كل مكان وانتهاك الحقوق ونشر الآلام سواء بين الدول أو بين الجماعات المتنازعة داخل المجتمع الواحد. إن ما جرى من شناعات وعمليات القتل هي فظائع يندى لها جبين الإنسانية لا يقوم بها آدميون مع توثيق جرائمهم بالفيديوهات، ومن بين هذه الجرائم جرائم نخص اليوم بالذكر جرائم الشرف.
العرض بين اللغة والأنظمة السياسية:
يثير مصطلح العرض أو الشرف الجدل أكثر من أي مصطلح آخر متعلق بالمرأة وممكن إثارته أصلاً للجدل هو تعلقه بالمرأة دون الرجل، قال ابن الأثير: ( العرض موضع المدح والذم من الإنسان).
وقال أبو العباس: (إذا ذكر عرض فلان فمعناه أموره التي يسقط أو يرتفع بذكرها من جهتها بحمد أو بذم)، فالعرض لغة وشرعاً ليس مقتصرا على العفة الجنسية للمرء وأي ذكر لامرىء بسوء هو استحلال لعرضه سواء اتهم بالخيانة أو السرقة او الرشوة أو الظلم أو الزنا أو اتهم بذلك أحد أسلافه أو أهله لتلحقه النقيصة بعيبهم، ولكن اختزل كل ذلك بعفة النساء وتغلغل ذلك عند القبائل والعشائر، ولكنه الآن ملائم جداً لأنظمة الحكم في دول الاستبداد، فكم هو مثالي هذا الرجل الذي لا يتورع عن ممارسة الرشوة والأذى والظلم والقتل في سبيل رضا الحاكم أو أسياده، وكم هو صالح هذا المواطن الذي يتحمل الإهانات في كل مكان على أرض الوطن دون أن يشعر بخدش في كرامته، بينما تثور ثائرة أحدهما لو مست سمعة واحدة من نسائهما بسوء، وهكذا ترسخ النظم الاستبدادية المنظومات الأخلاقية التي تلائمها ويدفع ثمنها دوما أضعف أطراف المجتمع (النساء) ليكنَّ هنَّ القطعة الأخيرة في دومينو الظلم الشامل.
من هو المجرم الحقيقي؟؟؟
وفي جرائم الشرف التي تمثل ذروة الخلل الأخلاقي يصبح المشهد مضللاً ويصبح التمييز بين المجرم والضحية أمراً عسيراً فعلى مسرح الجريمة ثمة ضحيتان أحدهما يستقبل الرصاصة والآخر يمسك المسدس بينما يكون المجرم الحقيقي هو المنظومة كلها والتي نكون نحن جزءاً فاعلاً فيها ...!!!.
فالمجرم الحقيقي هو ذلك الذي يثرثر في المقاهي ويخوض في أعراض الناس عن فلانة وفلانة، والذي يقسم أنه رأى فلانة تركب السيارة مع فلان، حتى إذا ما وقعت الجريمة لبس الجميع قناع الحمل الوديع مع ان المقتولة ضحية ألسنتهم.
إن ما نراه اليوم من انتشار للغيبة وتتبع العورات والتجسس وإساءة الظن وشهادة الزور كل ذلك يحدث بسبب البعد عن التشريع الإسلامي، فالستر في القرآن الكريم مقدم على الحد تقديماً كبيرا وقد شدد القرآن العقوبة بحق قاذفي المحصنات تشديداً يكاد يكون معه اتهام أي امرأة أمراً مستحيل الحدوث طالما ان التهمة مع اشتراط الشهود الأربعة تكاد تكون مستحيلة الإثبات.
إن ما يجري على ألسنة الناس من الخوض في الأعراض يزهق فيها غالباً أرواح نساء بريئات سواء كن مرتكبات للخطيئة فعلاً أو ممن حامت حولهن الشبهات الكاذبة، فهن في الحالتين بريئات مما يستوجب إزهاق الروح.
الخلاصة:
فلو اتبعنا التربية الأخلاقية الموجودة في القرآن الكريم وحاربنا السلوكيات الشاذة والقبائح الأخلاقية لتخلصنا من هؤلاء الذين استباحوا لأنفسهم اتهام الشرفاء بما ليس فيهم وحماية أعراض الناس وسمعتهم والحفاظ على كرامتهم وتحصين المجتمع من الاتهامات الباطلة.
أخي القارىء أختي القارئة تخيل حال البيت المسلم حين تتعرض بناته لشائعة وهي بريئة كيف يكون حال الأم وحال الأب بل وحال الفتاة نفسها وهي لا تمتلك دليلاً أو سبيلاً لإبعاد الشبهات عنها كما لم يملك من قام بنشر تلك الشائعة دليلاً على فعل غير أخلاقي ارتكبته تلك الفتاة.
تخيل حال زوج طعن في عرض زوجته ولا يستطيع إيقاف ذلك، تخيل حال نساء يتعرضن لكلمات نابية، تخيل مشاعر المظلوم وهو يتوارى عن أعين الناس وهمسهم وخاصة أن الشائعة في بلادنا تجد طريقها السريع للآذان والصفحات بينما مجابهتها وتكذيبها يكون بطيئاً ولأن حرمة الأعراض في الإسلام كبيرة وعظيمة، فإن من أعظم الظلم التعرض لحرمة المسلمين وأعراضهم والتشهير بهم لدافع الكراهية والمخالفة في الرأي، وقد يتحدث البعض أو يكتب على أن الخبر منتشر وأن الجميع يتحدثون به وتلك جريمة أكبر.
ففي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وأبو داوود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال)
وردغة الخبال : عصارة أهل النار.
إعداد إزدهار رحمو
اقرأ أيضاً: في زمن انعدام الإنسانية!
كلام مهم شكرا لكم
ردحذف