صديق.. بين الصاد والقاف
قصص وحكايات
"ليس من الصعب أن تقوم بالتضحية من أجل صديق، ولكن من الصعب أن تجد صديقاً يستحق الوفاء"
الصداقة حاجة مهمة في حياتنا فالصداقة كنز من كنوز الدنيا إذا امتلكناها. الانسان يميل بفطرته لتكوين الصداقة ونرى هذا في الأطفال منذ السنوات الأولى في حياتهم فيبحثون عن صديق يفهمهم ويسليهم ويحتويهم ويشاركهم ألعابه ونشاطاته وأفكاره وضحكاته.
فالصداقة علاقة تقوم على الحب والمودة والاحترام والوفاء.
إليكم يا سادة يا كرام هذه القصة (من واقع الحرب في سورية)
كان في إحدى القرى شاب يدعى كريم يبلغ الثامنة عشر من العمر، كريم كسائر الشباب في هذا العمر شاب مقبل على الحياة طموح يمتلك طاقة لرسم مستقبل جميل لحياته، ولكن ما صادفه كان استثنائياً بالفعل، فهو يقيم ببلد نشبت به الحرب وأصبحت فيها الكثير من الاتجاهات السياسية، وبناءاً على مبادئه وإيمانه بها انتمى إلى إحداها حسب ما يرغب، ومن خلال انتسابه لإحدى الجهات وبعد البدء بالعمل معهم تعرف على شاب اسمه تيم وهو يستلم منصباً في هذا التيار وأصبح كريم صديقاً مقربا لتيم.
وفي ذات يوم قرر تيم أن يتزوج وعرض الفكرة على كريم ومن كثرة حب كريم لتيم وعلاقته القوية به فقال له: أزوجك أختي؟.. سُعد تيم كثيرا بهذا، وبعد فترة من الزمن عُقد قِران تيم على أخت كريم وأصبحت العلاقة بين كريم وتيم أقوى ومعظم الأوقات يمضونها سوياً، إلى أن جاء تيم في يوم من الأيام بعد سنة من الزواج تقريبا في ليل شتاء بارد، خائفا متلهفا يلهث تعبا وطلب من كريم أن يوصله إلى الحدود لأن زوجته أخت كريم قد حُرقت في بيتها وتم نقلها إلى إحدى المستشفيات الحدودية، وفعلا أم؟أمّن كريم له الطريق ووسيلة النقل وذهب معه ليحميه والاطمئنان عن أخته وعندما وصلوا إلى الحدود أخبر تيم كريم أنه كان يكذب عليه وأنه قد سرق سلاحا من الجهة التي ينتمي إليها وهم يقومون بالبحث عنه لذلك هو يريد الهروب، وهنا أصبح كريم مصدوما وأخذ يفكر بأنه أصبح شريكا له بفعلته هذه وأصبح بحالة شتات وخوف لا يدري ما يفعل.
قطع تيم الحدود وعاد كريم محتضنا خيبة أمله بكذبة صديقه وزوج أخته واستغلاله له ويرتاده شعور بالخوف بما سيحصل له، جاء اليوم التالي وقامت الجهة التي ينتمي إليها كريم وتيم بمداهمة بيت كريم لأنه قريب له واعتبروه شريكا له فلاذ كريم بالفرار خارج البلد وبعد حوالي تسعة أشهر أثبت كريم مصداقيته للجهة التي ينتمي لها وأنه بريءمن فعل تيم وأنه ليس شريكا له أو له علاقة بسرقة السلاح التي قام بها تيم، وعاد كريم لعمله مجددا.
بعد مرور ثلاث سنوات عاود تيم التواصل مع كريم وأخبره بأنه قد التحق بجهة سياسية مغايرة ويريد الأن الانسحاب منها والعودة إلى بلده وهو بحاجة المساعدة منه وهو نادم جدا على كذبه عليه سابقا..، وكما اعتاد كريم أن يلبي النداء ويكون سباقا للمساعدة ووفاء وصونا لصديقه و وزج أخته سارع كريم لمساعدة تيم بالعودة وإصلاح وضعه مع الجهة التي كان ينتمي إليها سابقا (كونه كان مطلوب لديهم)، رغم كل الخطورة التي قد تلحق كريم إلا أنه لم يتوارى لحظة عن مساعدة تيم.
مرت بضعة أشهر بعد عودة تيم، وعن طريق الصدفة اكتشف كريم أن تيم قد بُعث جاسوسا من الجهة التى انتمى إليها عندما هرب سابقا، وهنا أصيب كريم بخيبة أمل جديدة من صديقه الذي كان يعتبره بمثابة أخ له وعاد إلى حيرته من جديد يتخبط بأفكاره وماذا عليه أن يفعل؟
حافظ كريم على التصرف معه بشكل طبيعي ليتأكد من أمره، لكن أثيرت شكوك لدى تيم بأن كريم قد عرف عنه شيئا فسارع تيم لاخبار قادته المبعوث من قبلهم بأن كريم قد شك بأمره فأمروا بقتله بأسرع وقت كي لا يخبر أحد ويكمل عمله بسرية. ومن خلال مراقبة كريم لتيم استطاع الخلو بهاتف تيم لبضع دقائق والاستطلاع على محادثته ليُصدم بأنهم قد أمروه بقتله، وكان تيم يقوم بالتخطيط لقتله بطريقة لا تثير الشكوك حوله.
صُدم كريم بتيم للمرة الثالة ولكن هذه المرة هي الأشد لأنه كان يغفر له دائما ويصدقه ويساعده وفاءا لصداقته معه وكانت مكافأته هي قتله، تشتت أفكار كريم بين صديقه الذي هو بمثابة أخ له وبين أنه زوج لأخته وموقف أخته وأولاد أخته الذين قد يصبحوا أيتام وشعوره بالذنب تجاههم، وأن تيم خائن للصداقة والصديق وللوطن وأصبح حائرا بالفعل إلى أن اتخذ قرار بأنه سيبلغ عنه قادته بأن تيم جاسوس مبعوث لهم، وفعلا هذا ماحدث وتم إلقاء القبض على تيم والحكم عليه بالقتل، وطالب تيم أن يُقتل على يد صديقه كريم الذي كان سيقتله هو وتم تلبية طلبه وقتل كريم تيم وقتل معه الصداقة والأخوة والوفاء وقتل كل شيء جميل داخل كريم.
وهنا انتهت قصة كريم وتيم وانتهت صداقتهما.
- الصديق من نعم الله على الإنسان، لكن إذا غدر وخان فهو يعتبر لعنة لا أكثر من ذلك، كذلك خيانة أقرب الأشخاص لنا مأساة وحزن كبير، علينا أن نواجهه بقوة، حتى لا نخسر أملنا بالحياة.
كتب القصة السيد كريم
شاركونا قرائنا الكرام بآرائكم عن القصة
اقرأ أيضاً آلام أرملة...
نأسف على ماعاشه وما عاناه شبابنا في سورية ولكننا على يقين بأن هذا الشباب هو الذي سينبت الزهور من تحت الأنقاض...لأن الابداع يولد من صميم الألم
ردحذفمع الأسف هذا واقع يعيشه معظم شبابنا
ردحذفاﺂﺣَـﺣَـ۾.😹َِ🖐️!''۽
ردحذفمعظم شبابنا أصبحوا بوجوه واحدة ابتسامة في الوجه وطعنة في الظهر
ردحذف